ماهية الشعر
بقلم / م. محمد الجوجرى
الشعر هو كلمات يكتُبها الشاعر ليعَبر بها عن
مكنونِ لديه أحَسه وتأثر به وتفاعل معه بحِسه الخاص وأراد أن ينقله للمتلقي لنفعٍ
فيه وللاستمتاع به . وهو إما فكرة طرأت على باله أو صورة جميلة رآها أو واقعة
شاهدها أو حادثة تأثر بها .والشعر لا يستطيع أى شخص عادى أن يكتبه فهو فى الأساس يلزمه موهبة وقدرة على التعبير .
والشعر ليس رصا للكلمات كلبِناتِ البِناءِ يرصُها البَناء رَصاً حِرفياً ليس إبداعياً, لأن فن البناء يُعَلم ويُمارس كمِنهة وحِرفة , ولكن الشعر تُصاغ كِلماته فى قوالب شعرية كالصورِ والتابلوهات الفنية ولكن ريشتها تكون الكلمات والحروف .
والشعر ألحان تعزِفُها المعانى وأنغام تَشدو وتتغنى بها الأبيات والقوافى.
وللشعرِ قواعد وأصول تم التعارف عليها منذ وضعها على يد أحمد الفراهيدى ,وعلى قارضِهِ وناظمهِ أن يتعلمها ويكون مُلماً بها ومُتقنها إذ بدونها لايصير الكلام شِعراً ولايُعتبر كاتبه شاعراً.
ولما كان الشعر لونٌ من ألوان التعبير بالكلمة عن فكرة أوخاطرة أو صورة بخيال الشاعر يُجسدها ببراعة الفنان وَجب عليه أن يُضمنها ألحاناً داخلية يشعر بها ويتذوقها ويتفاعل معها المُتلقى وهذه الألحان هى التى تسمى بالأوزان الشعرية تحُكمها تفعيلات تُكّون فيما بينها مايُسمى بالبحر وهناك بحور متعددة تختلف فيما بينها تبعاً لتفعيلاتها فمنها الطويل والوافر وغيرها.ومما يُحّسن الشعر ويجعل وقعُه جميل على المسامِع القوافى وهى كِلمات نهايات الأبيات المتشابة فى الشكل والنطق.
وتلعب المُحسنات البديعية أو الصور البلاغية دَوراً هاماً فى جمال الشعر ورونقه كالتشبيه والكناية والاستعارة سواء التصريحية أو المكنية والمجاز المرسل والتورية والسجع والطباق وكذلك الإطناب والإسهاب والتقديم والتأخير لبعض الكلمات فى البيت .
والشعر يتجلى تأثيره وقوته فى المناسبات سواء العامة منها أو الخاصة ,وكذلك فى التَحفيز والتَحميس والحَث وأيضاً إِبراز العواطف والأحاسيس بين العُشاق والمحبين وأهل الهوى , ويستعين الوعاظ والخُطباء والكُتاب بتضمين كتاباتهم وخُطبهم أبيات مِنه تَخدم موضوعاتهم التى يتناولونها لما له من تأثير إيجابى على مسامِع المتلّقين فهو له القدرة على لمس شِغاف القلوب ودغدغة المشاعر.
والذى يميز الشعر عن غيره من ألوان التعبير بالكلمة أن مفرداته تكون مُنتقاه ومنَمقة ومُقيَدة لتخدم السياق والوحدة الشعرية .
ومما يُظهر قُدرات الشاعر معرفته للغة من حيث معانى مفرداتها وقواعدها النحوية وضبط كلماتها وتشكيلها لتميُز اللغة العربية بغناها بالمفردات مُتعددة المعانى وتعدد المفردات ذات المعنى الواحد وتمكُنه من توظيفها لخدمة السياق والمعانى .
وعلى الشاعر ألا يطيل فى كلمات الشطر الواحد لتوصيل الفكرة فتبعث على الملل وتشتيت وانصراف المُتلقى عنه ,أو يقللها فيصعُب فهم القصد.
وعلى الشاعر مُراعاة عُنصر التشويق والجَذب باستعمال التلغيز والإخفاء لبعض المعانى بعدم التصريح بها بطريقة مباشرة لإطلاق العنان لخيال المتلقى وتفكيره وهو نوع من أنواع الجذب للقارئ.
ويلجأ الشاعر فى بعض الأحيان إذا لزم الأمر إلى أسلوب الاستفهام سواء التوكيدى أو الاستنكاري لخدمة السياق وكذلك للطُرفة والتهَكم والسُخرية ممن يستحقونها .
ويستعان بالشعر فى الحروب لإلهاب حماسة الجُنود للغيرة على الوطن والدفاع عنه .
وللشعرألوان وصنوف أعلاها وأهمها الشعر العمودى أو شعر التفعيلة والشعر الحر الذى يتكون بيته من شطر واحد لكنه موزون , وكذلك الشعر المُرسل الذى لايرتبط بأوزان أو قوافى وهو مايُطلق عليه الشعر النثرى وهناك نوع من الشعر يُسمى بالشعر الغِنائى وهو يُنظَم من أجل الغِناء ويتميز ببساطة كلماته وسهولتها ويعتمد على تكرار المقاطع .
ويلجأ بعض الشُعراء بغرض إبراز التفوق على الأقران والمباهاه وإظهار القوة وابتغاء الشُهرة والذيوع إلى إضْفاء الغموض على النص واستخدام مفردات لم تعد متداولة وعصية على قدرة وفهم المتلقى وكذلك الإفراط فى مسألة التلغييز .
ومما لاشك فيه أنه يُتوجب على الشاعر مُراعاة جُمهور المتلقين للشعر استخدام مفردات جَزلة سَهلة مُتداولة وشائعة الاستخدام حتى يستطيع إيصال مايكتبه لقلب وعقل المُتلقى ليحدث التأثير والمنفعة .. ولابأس من أن يُخاطب الشاعر الصفوة من المتلقين بشعر يستعرض فيه قوته وقدراته الشعرية. وعلى الشاعر أن يُعنون قصيدته حتى يُعطى انطباع مبدئي لدى القارئ قبل القراءة .....
نَوَد الإشارة إلى أن هذه المقالة عبارة عن رؤوس لموضوعات يُمكن إفراد صفحات لكل موضوع منها على حدا لتناوله بالتفصيل ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق