قصة قصيرة
الرجل الغريب
بعد أن طالت غربتى وطالت، وبلغ الحنين مداه
والشوق منتهاه ، وبالذات لتلك التى رحلت إلى بلاد الغربة من أجلها ، عندما حانت
عودتى ، أردتها أن تكون مفاجآة سارة وسعيدة ... هكذا هدانى تفكيرى .حزمت حقائبى وحنينى وبدأت رحلة العودة المزدحمة بالأشواق والمثقلة بآلام الغربة .
مأن وطأت أقدامى الشارع الذى أسكنه ، حتى تركت حقائبى امام بيتنا ومسرعا وبلا أى تفكير ، ساقتنى أقدامى وأقدارى إلى منزلها ، طرقت على الباب طرقات الملهوف الملتاع ، وفرحتى طائر يغرد بجناحيه على ربوع المدينة ، رغبتى عارمة أن أباغتها بحضورى ، حاملا لها أشواقى ، أخبرها بأننى جاهز غدا وليس بعد غد ، وحقائبى تحمل كل ماوعدتك به .
فتح الباب ، ياليته مافتح ، خرج كالقضاء ، شىيء غريب ، أراه لأول مرة ، أرتبت فى أمره ، صعقت وارتجف قلبى وتسارعت ضرباته ، حدق فى بغيظ وكأنه يعرفنى ، دارت بى الأرض ألف دوره ، وظللت أسال بهيستريا من أنت ؟ من تكون ؟
رد بحدة زوج .....!!!
على الفور خارت قوى الإنسان بداخلى ، استدرت للخلف وأنا أطأطىء رأسى وشيطان الخيبة يحرث راثى حرثا ...وويلات الخسارة والندامة تزلزلان كيانى المتهاوى .
صوب بيتنا مشيت... على مدد الشوف لمحت أمى ، نحوها أسير كسحلفاة عرجاء ، استحالت المسافة بينى وبينها إلى آلاف الأميال ... وبعد سنين بعيدة مسحت ذاكرتى عدوا ،، وصلت لها ، أرتميت فى حضنها صامتا لم أقوى على نطق حرف واحد ، هى تربت على كتفى قائلة بحسرة وإنكسار : نصيب ومكتوب ياحبة عينى ، كل واحد بياخد نصيبه من الدنيا .
وأنا شلال الدموع المحتجز خلف المآقى سنين عديدة ينفلت بقوة ليجرف أمامه مدن الأحلام التى شيدتها بداخلى بكل صدق .
عبدالفتاح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق