موعد علي رصيف القطار
ــــــــــــــــــــــــــ
بين الزحام في شوارع القاهرة ألقت بي المقادير
........أهرول تارة و أخري كيف ماء تسير الناس أسير
تتوالي نظراتي تفتش في الأسرار من حولي
........مضطرب أتلفت يمينا ويسارًا وكأني لص خطير
أتعجل اللحظات فأبتغي أن أطوي الأرض
........ولولا أن تلاحقني نظرات الناس أكاد أطير
أشم رائحة ليل قد أفسد في المدنية
........وألمح باعة جائلين وناس تتسكع في طوابير
اجلس ألي مقهى منزوي ألي رصيف مهجور
........فاطلب شيشة من قص وكوب مثلج من عصير
وأخرج منديل هو معي فأفك علي الطاولة وثاقه
........وأتناول منه قليل من الحلوى وقطعة من فطير
وأعطي لعامل المقهى شئ من مدخراتي و من نقودي
........وتبقي معي بعض من جنيهات وشيء من دنانير
يخلع ماسح الأحذية من قدمي حذائي فجأة
........دون مشورتي ويلمعه بخرقة بالية مبللة من حرير
وأقوم مفزوع أتخبط في طريقي أهرول فجأة
........وكأنني مسعور انتابني مس من الشطيان خطير
أسأل الناس عن محطة القطار وأنا أعرفها
........فمنهم من يجاوبني ومنهم من بكلتا يديه يشير
وأتخيل كيف سيكون علي الرصيف لقائنا
........وامني نفسي بلقاء الحبيب وأكاد من نفسي أغير
وتوجهت ألي محطة القطار خطواتي تسبق ظلي
........أهرول وحين أغافل نظرات المارة لحظة أطير
وانتظرت علي محطة القطار اكلم نفسي لساعات
........كيف خلفت موعدي وتلاعبت بالقدر وبالمصير
فزادت من همي الهواجس وخوف من العواقب مرير
........فانتابت حيرتي آلف هاجس وراودني آلف تفسير
ولما رآني بائع الصحف وقد تعود من سنين رؤيتي
........أراك تأتي منذ كنت شاب وقد صرت شيخا كبير
عشرون عاما لم تغيب يوما واحد ولم تخلف موعدًا
........وكأن الزمان توقف عشرون عام عن المسير
لقد مضي قطارك يا شيخنا من زمن بعيد وتقاعد
........وتوقف من زمن عن المسير ولم يعد يسير
وأدركت أن موعدنا كان يوما من سنين مضت
........وأن الأمس ولي والزمان أحدث فينا التغير
عشرون عاما مرت كيف مرت قد تولت
........ كاللحظات قد غفوت فيها وما دريت المصير
فوق محطة القطار كان يوما علي الرصيف موعدنا
........ومن يومها اتخذتهُ بيتاً واحتواني ترابه كالسرير
فقد رسمت علي كل قطارات الصعيد ملامح وجهها
........وعلي كل الأرصفة دونت سجلات عنها وكتبت تقارير.
وفي كل الميادين قد طوفت أروي حكايتي
........وأنني في دروب القاهرة كانت يوما كالمجنون أسير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق