وقفة آلمتني :
على مشارف العمر - صدفة- التقيتك ، فماعرفتني ، وما عرفتك!!!...كنت بقايا رجل كان بريئا ، وكنت - أنا - مرهقا حتى النخاع.... كنت تائها.
نظرت بعيدا في عينيك فعادت بي الذاكرة
إلى ذلك الزمن البعيد... إلى ذلك المكان الذي لم يعد المكان ، وسألتك: هل تذكر - يا صديقي-..... هل تذكر كيف كنا نسرق الضوء المكبل بجلابيب الدجى .....كيف كنا
نتعمد بنسيمات المساء.... كيف كنا نحلم بمزيد من الخبز..... ووصول الكهرباء.
هل تذكر كيف كنا نسرج الشمس صهوة نمتطيها ، ونملأ أيدينا أهلة ونجوما نعتصرها دفئاً يحضن أحلامنا الساذجة .
...وجدتي : هل تذكر جدتي التي كانت تحملنا على أجنحة الخيال... تطوف بنا مدائن الجن وقصور السلاطين وتدخلنا مضاجع الجواري والحريم........
دار الزمان دورته- يا صديقي- وتشرخت المرايا ، فتباعدت الوجوه شظايا ، وتهاوت الأحلام نتفا ، وتاهت بنا السبل ، وافترقنا.
افترقنا - يا رفيق الصبى- فمضيت امتطي مراكب الحياة كالقراصنة : أجوب المحيطات والبحار.... أبحث عن التبر والمحار ، أجمع السراب والحقيقة ، أقتل المخطئة والبريئة... أفتت صخور الملح آكل بعضها ، أمزق أحشائي أطعمها أسماك القرش وكلاب الطريق.
...أقمت - يا صديقي- رحلت.... تهت ،حتى نمت الأشواك والطحالب فوق ظهري ، وتجمد العرق المر فوق أهدابي........... وشاخ الزمان.... و.... شخت : فعادت مراكب الشؤم منهوكة الأشرعة ، مشروخة السواري.....
.....عادت خيولي بلا ألجمة ولا فوارس.... عادت وعدت...........عدت أبحث المشاتى والمرابع...... أبحث عن المنازل والأسماء ،
أبحث عن الدفء الذي هاجر الحنايا والضلوع.......
أبحث عن آثار وشم أخفته التجاعيد ...........
عن صدى آهات حنطها الجليد..... ابحث عن مقابر الوطن البعيد.... أبحث عن بقايا نفسي.
عدت - يا صاحبي- بعد أن تقيأتني الأمواج
فحططت الرحال فوق أهداب غيمة هطلت بي على مشارف الزمن البليد..... و..... »
.....لم أواصل لأن دموعك احرجتني....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق