الفراشة العاشقة
على وريقات نرجسةٍ حالمة ...
غطتْ فراشةٌ زاهيةٌ متأنقةٌ
... منمنمةُ الأشكال ..
تحمل على جناحيها ربيعاً تتماوجُ
فيه الصورُ والألوان ...
راحتْ تميسُ وترقصُ متهاديةً متنقِّلةً
بين وريقاتِ النرجسة ....
أصغيتُ إليها فأحسستُ وكأنها تُرسلُ
نداءاتٍ وآهاتٍ وتنهُّدات...
أُصبتُ بالذهولِ والاندهاش ..
رحتُ أُحملقُ غير مصدِّقٍ ما أراهُ.....
كانت رقصاتها وتنهداتها توحي وكأنها
عاشقةٌ
متيَّمةُ وعلى موعدٍ غرميٍّ مع
فارس الأحلام ...
أحسستُ بالخبلِ والدُّوارِ وأنا
أشاهدُ عشيقَها يغطُّ فجأةً بقربِها
...
يبدآنِ طقوسَ الحب ....معزوفةٌ
من التنهُّداتِ والتأوهاتِ
على وقعِ الرَّقصاتِ والقبلات.....
يتعانقانِ وتتشابكُ أجنحتهما بأجملِ
ما تصوِّرُه الطبيعةُ
في لقاءِ العاشقين .........
ضمَّاتٌ وعناقٌ وقبلٌ تعبِّرُ
عن أرقِّ وأعذب ِ
وأعمقِ العواطفِ والأشواق .....
بفطريَّةٍ وعفويَّةٍ تشعُّ منهما
الملاحةُ والعذوبةُ والبراءة ...
حبٌّ وعشقٌ وغرامٌ كما أراده المبدعُ
الأعلى
وطقوسٌ كما نظَّمتها الطبيعةُ
الأمُّ الحنون ....
لم يتخفَّيا وراءَ أوراقِ الورد
ِ والنرجسِ
ولم يخافا عيونَ الحسَّادِ والعواذل
....فهما لم يفعلا إثماً أو منكراً...
هما يحقِّقانِ مشيئةَ الخالقِ
في مسرحيَّةِ الكون ...
غبطُّهما وتألَّمتُ كثيراً على
أنفسِنا نحن معشرُ البشر ...
كم نحن نُخفي ونخنُقُ أحاسيسَنا
ومشاعِرَنا .....
نغلِّفُها في أقنعةٍ من الزيفِ
والنفاقِ
ونعلِّبُها في قوالبَ نتوهَّمُ
أنها حضاريَّة...
نقيِّدها بالقوانينِ والمفاهيمِ
والعادات....بالمحرَّماتِ والمحلَّلاتِ
....
وهذه كلُّها تُرغِمنا وتدفعُنا
لنُزَيِّفَ أنفسَنا ونتقنَّعُ بألفِ ألفِ قناع
.....
فلا تكادُ تخرجُ مشاعرُنا وأحاسيسُنا
إلى مسرحِ الحياةِ إلاَّ وقد
ذبُلتْ وتلاشى أريجُها وأصابها
العفنُ والنَّتنُ ......
هذه مأساتُنا وهذا ألمُنا نحن
البشر ...
نموِّهُ ونشوِّهُ كلَّ جميلٍ في
حياتِنا بابتعادنا عن عفويَّةِ الفطرةِ
كما أرادها الله ...وبانسلاخِنا
عن بساطةِ ووداعةِ الطبيعة ِ
التي ترفضُ كلَّ تمويهٍ وتزييفٍ
وتعليب ...
وهنا سرُّ شقائنا .....
حكمت نايف خولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق