قهوه سوداء....((حوار
مع ميت))...
-ارجو ان لاتنزعج من اسئلتي لك...
*لماذا انزعج اصلا؟؟...لم يعد شيء يخصني الان..فالحياة
غادرتها ولم تعد لي سوى سرد مامضى منها
- هل تكره اللون الاسود؟؟...
*لطاما كرهته ... وتمنيت زواله..
-هل تكره امك؟؟...
* لا ابدا .. بل اعبدها واقبل التراب الذي تحت قدمها...لكني
كرهت اللون الاسود الذي تحمله وورثته منها...
- وهل لونك الاسود عائقا لك ...انت كنت فرعونا لايهمك
لون ولا شكل ؟
*اسمع مني ...حين تكون اسودا ستعامل كمخلوق بدرجة
دونية مهما كان فكرك ومهما ما كنت تملك ......
- وهل كنت تعامل بدونيه..؟؟
* كنت اعامل كذالك ... وكنت مميزا ...تدرجت في التعليم
وفي الجيش ... لكني كنت اشعر دوما بالدونيه بسبب لوني!!
- لكنك كنت في مواقع مهمة في بلدك وكنت ضابطا في
عهد الملكية وكنت مقربا للملك
...
*لكن عند اول غلطة طردت غير مأسوفا علي واودعت السجن
وعوملت مثل اي كلب...بينما الاخرون وان دخلوا السجن لكنهم كانو يعاملوا بشكل اخر..
-لكنك كنت ايضا في الصف الاول الذي اطاح بالملكية؟
*تريد الصدق هذه المسألة كانت مجرد صدفة... وكان
علي ان لا اخسرها ...فالفرص محدودة دوما والعمر قصير دوما مهما طال...
- كيف وجدت العمل مع النظام الجديد بعد الاطاحة بالملكية
وخصوصا انك اعتبرت من ضمن مفجري تلك الثورة ولو بالصدفة؟
*كان يجب ان اتعامل بهدوء وان اكون صديقا للكل واراقب
من بعيد ... لاني كنت حينها لا املك القوة ولا التاريخ ولا املك الاموال ولا الكريزما
التي تحقق لي الاستيلاء ع السلطه لذا كنت مقتنعا بالمناصب التي تعرض علي وخصوصا انها
كانت تدور في فلك الكرسي الذي كنت اطمح له...
- مارايك بالزعيم ناصر؟؟؟
*ناصرا كان اخ وصديق...هذا شكلا ....لكن مضمونا..ناصر
كان كثير التفكير ...كثير الكلام...كثير القرأة... كان كثيرا في كل شيء ... الا الرؤيا
فقد كانت رؤيته للامور سطحية وساذجة...لكني كنت اؤيده دوما واقف خلف كل مايقول ولو
كنت غير مقتنعا فناصر كان محاطا بالمعارضين له وكان يكرههم ...لكنه كان يحبني لاني
كنت اصوره على انه نبي هذه الامه ... وهذا كان شيء جيدا لي ..
- كيف كان جيدا لك؟؟
*لانه وفي اخر ايامه كان لايثق باحد مطلقا فجاء
بالعبد ...لله ليجعل منه نائبا ...كما ان شخصيتي الضعيفة التي كان يتصورها البعض جعلت
من منصبي كنائب غير ذات اهمية ... ولم ينظروا ابدا للخطر القادم لهم ... اعتقد اني
كنت ممثلا جيدا هنا...
- وهل تعشق التمثيل...؟؟
* اعشقه بجنون ...اصل انا بحب السيما...
- بعد ان اصبحت رئيسا ...كيف قضيت على القطط السمان
وكانوا عمليا اقوى منك ولو كنت رئيسا؟
* في اي بلد في العالم حين ينهزم في معركة ما هزيمة
كبر يتغير ذالك البلد ولا يعود كما كان ...الهزائم الكبرى تشبه الموت ...تغير الحياة...لكن
هزيمة يونيو ...لم تغير شيء مهما بل غيرت اشياء بسيطة وجعلت الشعب يغلي وهو في مكانه
وجعلت الجيش متخبط ينتظر مخلصه ...وكنت انا ذالك المنقذ ...لذا كان الجيش معي ... وحين
يكون الجيش معك ...ستكون السلطه معك ... وهنا ظهر ذالك الرجل الاسمر وظهرت حقيقته ...
- حين طردت السوفييت من بلادك الم يجعلك هذا الامر
تخاف من هذا الصديق القوي والذي يعرف كل اسرارك...؟؟؟
* من قال ان السوفييت كانوا اصدقاء اصلا... هذه من
ضمن اخطاء رؤية ناصر المحدودة...كان لدينا الالاف من عواجيز السوفيت عديمي النفع
...وعدد من خبراء اشك في انهم خبراء وعدد من الجواسيس ...كانو عبأ علينا وعدو يجري
بيننا ...كانوا في الحقيقة فايروسات تمرض بلادنا ...وكان لابد من حقن بلادنا بالمضاد
كي نتخلص منهم...وكنت لها...
- هل انتصرت عام 73...؟؟
* وهل تعتقد اني انهزمت؟؟
-هل كنت خائفا او مترددا حين ذهبت الى تل ابيب؟؟؟
* لا ابدا كنت منتشيا اشعر بالانتصار والفخر ...
دخلت الى قلب الحدث والى صميم الموضوع والى اساس المشكله ...لاني احب بلدي وشعبي
... لم يهمني الاخرون ...بل ما همني شعبي ووطني..ذهبت هناك بلا خوف ولا تردد... من
كان خائفا حقا وترتجف ركبتاه وتائها ومترددا ...بل ومن المحتمل انه اصيب بالاسهال هم
العرب ...
- هل كنت تتوقع يوما ان من يقتلك هو جيشك؟؟
* احب وطني...وشعبي وجيشي... من قتلني مجموعة من
الناس من ابنائي من حمل النزق شعارا وايمانا ...فقتل ابوه الذي رباه وعلمه وحارب من
اجله وسهر وتعب لاجله...هذا لايدهشني فاليوم هؤلاء النزقين يقتلون ابنائهم وابائهم
ويذبحون بلادهم ... فلا تستغرب ان يقتلوني...
-اشكرك سيدي على هذا اللقاء الممتع ...هل لديك كلمة
اخيرة تقولها؟
* لا ليس لي اي كلمة....فالموتى....لايتكلمون...
علي العطار......
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق